
ما هي تقنية Lead و Lag في ترتيب الأنشطة؟
ما هي تقنية Lead و Lag في ترتيب الأنشطة في إدارة المشاريع؟
تُعد إدارة الجدول الزمني من أهم جوانب إدارة المشروع، إذ يعتمد نجاح المشروع إلى حد كبير على مدى دقة تخطيط وتسلسل الأنشطة وتقدير فتراتها الزمنية. ومن ضمن الأدوات الفعّالة التي تساعد مدير المشروع على التحكم في ترتيب الأنشطة وضبط العلاقات بينها تقنيتا Lead (التقدّم) و Lag (التأخير). هاتان الأداتان تُستخدمان لضبط التبعيات (Dependencies) بين الأنشطة في الجدول الشبكي (Network Diagram)، مما يسمح بقدر أكبر من المرونة في تنفيذ المشروع دون الإخلال بالمنطق العام لتتابع المهام.
في هذا المقال، سنستعرض المفهومين بشكلٍ دقيق، ونوضح الفرق بينهما، وكيفية استخدام كلٍّ منهما في الواقع العملي، مع أمثلة تطبيقية توضح أثرهما في تخطيط المشروع وإدارته الزمنية.
أولًا: مفهوم العلاقات بين الأنشطة (Activity Relationships)
قبل الحديث عن Lead وLag، من الضروري فهم العلاقات المنطقية بين الأنشطة، إذ تُعد هذه العلاقات أساس تحديد أي تقدم أو تأخير ممكن تطبيقه بين نشاطين.
العلاقات الأساسية بين الأنشطة في إدارة المشروع هي أربع:
- Finish to Start (FS): لا يمكن أن يبدأ النشاط الثاني إلا بعد أن ينتهي النشاط الأول.
 مثال: لا يمكن بدء عملية “صب الخرسانة” إلا بعد الانتهاء من “إعداد القوالب”.
- Start to Start (SS): لا يمكن أن يبدأ النشاط الثاني إلا بعد أن يبدأ النشاط الأول.
 مثال: يمكن بدء “فحص الجودة” بعد أن يبدأ “الإنتاج”، حتى لو لم يكتمل بعد.
- Finish to Finish (FF): لا يمكن أن ينتهي النشاط الثاني إلا بعد أن ينتهي النشاط الأول.
 مثال: لا يمكن إنهاء “اختبار النظام” إلا بعد الانتهاء من “تطوير النظام”.
- Start to Finish (SF): لا يمكن أن ينتهي النشاط الثاني إلا بعد أن يبدأ النشاط الأول (وهي علاقة نادرة الاستخدام).
 مثال: لا يمكن إنهاء “الورديات الليلية” إلا بعد أن يبدأ “فريق النهار” عمله.
هذه العلاقات تُحدد التسلسل المنطقي بين الأنشطة، لكن في كثير من الأحيان يحتاج مدير المشروع إلى تسريع العمل أو تأخيره قليلًا دون تغيير العلاقة نفسها، وهنا تظهر أهمية تقنيتَي Lead وLag.
ثانيًا: مفهوم Lead (التقدّم)
Lead تعني “التقدّم في البداية” أو “البدء المبكر”.
بمعنى آخر، هي المدة الزمنية التي يُسمح بها للنشاط اللاحق أن يبدأ قبل أن ينتهي النشاط السابق.
يُستخدم الـ Lead عندما يرغب مدير المشروع في تسريع تنفيذ الأنشطة، بحيث تبدأ بعض الأعمال قبل اكتمال ما يسبقها بالكامل، دون الإخلال بالترابط المنطقي بين المهام.
مثال توضيحي:
افترض أن لدينا نشاطين:
- النشاط (A): كتابة المحتوى.
- النشاط (B): تصميم الصفحات بناءً على المحتوى المكتوب.
العلاقة بينهما في الأصل هي Finish to Start (FS)، أي أن التصميم يبدأ بعد انتهاء كتابة المحتوى تمامًا.
لكن مدير المشروع قرر أنه بمجرد اكتمال 50% من كتابة المحتوى، يمكن لفريق التصميم أن يبدأ بالعمل على الصفحات الأولى.
في هذه الحالة، نُدخل Lead time يساوي 50% من مدة النشاط الأول (أو فترة محددة زمنيًا، مثل 3 أيام).
وهكذا نختصر مدة المشروع الإجمالية دون المساس بجودة العمل.
الاستخدام العملي للـ Lead:
- في المشاريع الإنشائية، يمكن البدء بتركيب الأسلاك الكهربائية قبل الانتهاء من جميع أعمال الجدران.
- في المشاريع البرمجية، يمكن بدء اختبار واجهة معينة قبل الانتهاء من تطوير كامل النظام.
- في مشاريع النشر أو التسويق، يمكن البدء بتصميم الغلاف قبل اكتمال كتابة كل الفصول.
بالتالي، Lead يساعد في تسريع الجدول الزمني للمشروع وتحقيق الكفاءة الزمنية، خاصةً عند الحاجة للانتهاء في وقتٍ أقصر.
ثالثًا: مفهوم Lag (التأخير)
على النقيض من الـ Lead، تعني Lag “الزمن الفاصل” أو “التأخير المضاف” بين نشاطين.
وهي الفترة الزمنية التي يجب انتظارها بعد انتهاء النشاط الأول قبل أن يبدأ النشاط الثاني.
بمعنى آخر، إذا كان النشاط الثاني يعتمد على الأول، لكن هناك حاجة زمنية فاصلة بينهما — سواء لأسباب تقنية أو طبيعية أو لوجستية — يتم استخدام Lag time لتوضيح تلك الفترة.
مثال توضيحي:
افترض أن لدينا نشاطين:
- النشاط (A): صب الخرسانة.
- النشاط (B): إزالة القوالب.
بعد صب الخرسانة، لا يمكن إزالة القوالب مباشرة، بل يجب الانتظار 7 أيام حتى تجف الخرسانة تمامًا.
إذن، هنا نُدخل Lag = 7 أيام بين النشاطين.
الاستخدام العملي للـ Lag:
- في المشاريع الهندسية، لتحديد فترات الانتظار بين مراحل معينة مثل التجفيف أو التثبيت.
- في المشاريع التقنية، للانتظار حتى تتوفر بيانات أو موافقات قبل الانتقال للمرحلة التالية.
- في المشاريع الإدارية، لإدراج فترات مراجعة أو اعتماد بين مرحلتين متتاليتين.
بالتالي، Lag يساعد في ضبط التسلسل الواقعي للأنشطة، ومنع تضارب أو استعجال في التنفيذ قد يؤدي إلى أخطاء أو إعادة عمل.
رابعًا: الفرق بين Lead وLag
| العنصر | Lead | Lag | 
| التعريف | السماح للنشاط اللاحق أن يبدأ قبل انتهاء النشاط السابق. | تأخير بدء النشاط اللاحق بعد انتهاء النشاط السابق. | 
| الهدف | تسريع تنفيذ المشروع. | تنظيم وتيرة العمل أو احترام متطلبات فنية أو زمنية. | 
| التأثير على الجدول الزمني | يقلل من المدة الإجمالية للمشروع. | يزيد من المدة الإجمالية للمشروع. | 
| الاتجاه الزمني | تحريك النشاط اللاحق إلى الأمام. | تحريك النشاط اللاحق إلى الخلف. | 
| الاستخدام النموذجي | عند وجود إمكانية للتنفيذ المتوازي. | عند الحاجة إلى فاصل زمني بين الأنشطة. | 
خامسًا: كيفية تطبيق Lead وLag في الجدول الزمني
في برامج إدارة المشاريع مثل Microsoft Project أو Primavera P6، يمكن إدخال قيم Lead وLag بشكلٍ مباشر ضمن العلاقة بين الأنشطة.
على سبيل المثال:
- إذا كانت العلاقة FS + 3d، فهذا يعني وجود Lag مقداره 3 أيام.
- إذا كانت العلاقة FS – 2d، فهذا يعني وجود Lead مقداره يومان (تقدّم زمني).
تُظهر هذه الرموز كيف يمكن التحكم المرن في العلاقات، مما يمنح مدير المشروع قدرة عالية على تخطيط الجدول بدقة وواقعية.
سادسًا: أمثلة عملية لدمج Lead وLag في تخطيط المشاريع
المثال الأول: مشروع بناء منزل
- النشاط (A): بناء الجدران (مدة 10 أيام).
- النشاط (B): تركيب النوافذ (مدة 5 أيام).
 في الوضع الطبيعي، العلاقة FS تعني أن النوافذ تُركب بعد انتهاء الجدران بالكامل، لكن يمكن إدخال Lead = 3 أيام لبدء تركيب النوافذ قبل الانتهاء الكامل من الجدران في بعض الغرف.
المثال الثاني: مشروع تطوير برنامج
- النشاط (A): كتابة الكود.
- النشاط (B): اختبار الوحدة البرمجية.
 يمكن إدخال Lead = 2 أيام لبدء الاختبارات قبل اكتمال جميع وحدات الكود، لتسريع دورة التطوير.
المثال الثالث: مشروع تسويق منتج جديد
- النشاط (A): تصوير الإعلان.
- النشاط (B): نشر الحملة.
 بعد الانتهاء من التصوير، يحتاج الفريق يومين لتحرير الفيديوهات. إذن، نُدخل Lag = 2 أيام بين النشاطين.
سابعًا: أهمية استخدام Lead وLag
تكمن أهمية هاتين التقنيتين في قدرتهما على تحسين الجدول الزمني وضبط العلاقات الواقعية بين الأنشطة.
ومن أبرز الفوائد:
- تحقيق المرونة في الجدولة: تسمح بتعديل العلاقات دون كسر التسلسل المنطقي.
- تسريع تنفيذ المشروع عند استخدام Lead بشكل مدروس.
- ضمان الواقعية في الجداول عند استخدام Lag، خصوصًا في الأعمال التي تتطلب فترات انتظار.
- تحسين التواصل بين الفرق، لأن القيم المضافة توضح متى يمكن البدء أو يجب الانتظار.
- دعم التحليل الحرج (Critical Path)، حيث تؤثر هذه القيم على طول المسار الحرج وبالتالي على مدة المشروع الكلية.
ثامنًا: التحديات والمخاطر في استخدام Lead وLag
على الرغم من فائدتهما الكبيرة، إلا أن استخدام Lead وLag بشكل مفرط أو غير مدروس قد يؤدي إلى مشاكل، مثل:
- تداخل غير منطقي بين الأنشطة، مما قد يؤدي إلى أخطاء في التنفيذ.
- صعوبة تتبع التأثير الزمني الحقيقي عند إدخال قيم كثيرة من Lead وLag.
- احتمال تقليل الجودة إذا تم تسريع بعض الأنشطة قبل الوقت المناسب.
- تعقيد في تحديث الجدول الزمني أثناء المتابعة أو المراقبة.
لذلك، يُنصح باستخدام هاتين التقنيتين فقط عندما يكون هناك مبرر منطقي وعملي، مع توثيق السبب في خطة الجدول الزمني.
تاسعًا: الخلاصة
تقنيتا Lead وLag تُعدان من الأدوات الدقيقة في إدارة الجدول الزمني للمشاريع.
فالأولى (Lead) تُستخدم لتقديم النشاط اللاحق بهدف التسريع وتحقيق الكفاءة الزمنية،
أما الثانية (Lag) فتُستخدم لإدخال فاصل زمني منظم بين الأنشطة لضمان الانسيابية والجودة.
وباستخدامهما مع العلاقات المنطقية الصحيحة، يستطيع مدير المشروع بناء جدولٍ زمني واقعي، مرن، وقابل للتنفيذ، يوازن بين السرعة والدقة، ويحقق الأهداف في الوقت المحدد.

 
					

