
ما هي عملية Benefits Realization ولماذا هي مهمة؟
عملية تحقيق المنافع (Benefits Realization) وأهميتها في إدارة المشاريع
تعتبر إدارة المشاريع اليوم أكثر من مجرد تنفيذ الأنشطة والمهام وفق خطة زمنية وميزانية محددة، بل تتجه إلى التأكد من أن المشروع يحقق الفوائد الحقيقية المستهدفة والتي تساهم في تحقيق أهداف المنظمة الاستراتيجية. من هذا المنطلق، تبرز عملية تحقيق المنافع أو Benefits Realization كأحد أهم العمليات الحيوية في إدارة المشاريع والبرامج، إذ تهتم بقياس وتحقيق القيمة الحقيقية التي يضيفها المشروع بعد إتمامه.
تعريف عملية تحقيق المنافع
عملية تحقيق المنافع هي العملية المنظمة التي تهدف إلى التأكد من أن نتائج المشروع أو البرنامج قد تحولت إلى فوائد ملموسة للمنظمة أو أصحاب المصلحة، وأن هذه الفوائد تحقق الأهداف الاستراتيجية المرجوة. بعبارة أخرى، هي متابعة دقيقة للتأكد من أن المشروع لا يقتصر على الانتهاء من المهام والمنتجات، بل ينتج عنه قيمة مضافة حقيقية ومستدامة.
تشمل عملية تحقيق المنافع عدة خطوات أساسية، منها:
- تحديد المنافع المتوقعة: قبل البدء بالمشروع، يجب تحديد الفوائد المرجوة بشكل واضح ودقيق، سواء كانت مالية مثل زيادة الإيرادات أو خفض التكاليف، أو غير مالية مثل تحسين رضا العملاء أو تعزيز سمعة المؤسسة.
- قياس المنافع: بعد تحديد المنافع، تأتي خطوة قياسها باستخدام مؤشرات أداء محددة (KPIs) للتأكد من مدى تحقيق النتائج المرجوة.
- مراقبة وتحليل النتائج: متابعة مستمرة لما تحقق من منافع مقارنة بما هو مخطط، وتحليل أي انحرافات لمعالجتها في الوقت المناسب.
- تحقيق الاستدامة: التأكد من أن الفوائد المحققة مستمرة على المدى الطويل، وليس مجرد نتائج مؤقتة بعد انتهاء المشروع.
- التواصل مع أصحاب المصلحة: إبقاء أصحاب المصلحة على اطلاع دائم بالمنافع المحققة، لتأكيد أن المشروع قد أضاف قيمة فعلية.
لماذا تعتبر عملية تحقيق المنافع مهمة؟
تكمن أهمية عملية تحقيق المنافع في عدة جوانب استراتيجية وتشغيلية، أبرزها:
- تحقيق قيمة حقيقية للمشروع
 كثير من المشاريع تنتهي بنتائج ملموسة مثل تقارير أو منتجات جديدة، لكنها قد لا تحقق الفوائد المتوقعة إذا لم يتم متابعة تأثيرها على المنظمة. عملية تحقيق المنافع تضمن أن كل مشروع يقدم قيمة مضافة حقيقية ويخدم أهداف المؤسسة.
- التوافق مع الأهداف الاستراتيجية للمنظمة
 تساعد هذه العملية في ربط نتائج المشروع بالاستراتيجية العامة للمؤسسة. فالمشروع ليس هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة لتحقيق رؤية المنظمة طويلة المدى. من خلال متابعة المنافع، يمكن التأكد من أن كل استثمار زمني ومالي يسهم في تحقيق أهداف استراتيجية محددة.
- دعم اتخاذ القرار المستند إلى البيانات
 عندما تكون هناك قياسات واضحة للمنافع، يصبح بإمكان الإدارة تقييم مدى نجاح المشروع واتخاذ قرارات أفضل بشأن الاستمرار في المبادرات المشابهة أو تعديل الاستراتيجيات.
- تعزيز رضا أصحاب المصلحة
 أصحاب المصلحة، سواء كانوا داخليين مثل الموظفين والإدارة أو خارجيين مثل العملاء والشركاء، يهتمون بالنتائج الحقيقية للمشروع. عملية تحقيق المنافع توفر لهم رؤية واضحة حول القيمة المضافة وتساهم في بناء الثقة والمصداقية.
- تحسين إدارة المخاطر
 من خلال مراقبة المنافع وتحليل الانحرافات، يمكن تحديد المخاطر المحتملة التي قد تؤثر على تحقيق النتائج، واتخاذ إجراءات تصحيحية قبل فوات الأوان.
- ضمان الاستدامة والفعالية طويلة المدى
 بعض المشاريع قد تحقق نتائج قصيرة المدى لكنها تفشل في الاستدامة. عملية تحقيق المنافع تساعد في التركيز على النتائج المستمرة والمستدامة التي تحقق أثرًا طويل الأمد على المؤسسة.
خطوات عملية لتحقيق المنافع بنجاح
لضمان نجاح عملية تحقيق المنافع، يجب اتباع مجموعة من الخطوات المنظمة، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- تحديد المنافع ووضع خطة تحقيقها- تحديد نوع المنافع: مالية، تشغيلية، استراتيجية، أو اجتماعية.
 - وضع جدول زمني واضح لتحقيق هذه المنافع.
 - تحديد المسؤوليات لكل عنصر من عناصر المنافع.
 
- تصميم مؤشرات قياس الأداء (KPIs)- وضع مؤشرات كمية ونوعية لقياس تحقيق المنافع.
 - التأكد من أن هذه المؤشرات قابلة للقياس والتقييم بشكل دوري.
 
- مراقبة الأداء والتحليل- جمع البيانات المتعلقة بالمشروع ونتائجه.
 - مقارنة النتائج الفعلية بالمنافع المتوقعة.
 - تحديد أي انحرافات أو قصور في تحقيق الفوائد.
 
- التدخلات التصحيحية- تعديل خطط المشروع أو العمليات لتحقيق الفوائد المفقودة.
 - تحسين استخدام الموارد والجهود لتحقيق النتائج المرجوة.
 
- توثيق الدروس المستفادة- تسجيل النجاحات والإخفاقات المرتبطة بتحقيق المنافع.
 - استخدام هذه المعلومات في المشاريع المستقبلية لتحسين الأداء.
 
- تقديم التقارير إلى أصحاب المصلحة- مشاركة نتائج تحقيق المنافع بشكل دوري.
 - إبراز القيمة المضافة التي تم تحقيقها، مع توضيح الفوائد الملموسة وغير الملموسة.
 
العلاقة بين إدارة المشاريع وتحقيق المنافع
على الرغم من أن معظم منهجيات إدارة المشاريع التقليدية تركز على التسليم في الوقت المحدد وضمن الميزانية، فإن نجاح المشروع الحقيقي يُقاس بمدى تحقيق المنافع المستهدفة. لذا، فإن عملية تحقيق المنافع تعمل كجسر بين التسليم الفني للمشروع والأثر الاستراتيجي والفعلي على المنظمة.
توضح الدراسات أن المشاريع التي تهمل متابعة المنافع غالبًا ما تفشل في تحقيق القيمة المرجوة، حتى لو تم الانتهاء منها بنجاح من حيث الوقت والتكلفة والجودة. لذا، فإن دمج هذه العملية في دورة حياة المشروع يزيد من فرص تحقيق النجاح الحقيقي ويحول المشروع إلى استثمار ناجح بدلاً من مجرد نشاط تكلفته عالية.
أمثلة على تحقيق المنافع في المشاريع
- مشروع تطوير نظام محاسبي جديد- المنافع المتوقعة: تحسين دقة التقارير المالية، تقليل الوقت المستغرق في إعداد الحسابات، وتقليل الأخطاء البشرية.
 - قياس المنافع: مقارنة الزمن المستغرق قبل وبعد تنفيذ النظام وعدد الأخطاء المحاسبية.
 
- مشروع تحسين تجربة العملاء في متجر إلكتروني- المنافع: زيادة رضا العملاء، رفع معدل الاحتفاظ بالعملاء، وزيادة المبيعات.
 - القياس: مؤشرات مثل Net Promoter Score (NPS)، معدل إعادة الشراء، وعدد الشكاوى.
 
- مشروع تحديث البنية التحتية التقنية- المنافع: تحسين الأداء التشغيلي، خفض التكاليف التشغيلية، وتعزيز الأمان السيبراني.
 - القياس: مراقبة استهلاك الطاقة، سرعة النظام، وعدد الحوادث الأمنية.
 
خلاصة
إن عملية تحقيق المنافع (Benefits Realization) ليست مجرد مرحلة إضافية في إدارة المشاريع، بل هي جوهر نجاح أي مشروع يسعى لتقديم قيمة حقيقية للمنظمة وأصحاب المصلحة. من خلال تحديد المنافع، قياسها، مراقبتها، وضمان استدامتها، تتحول المشاريع من مجرد جهود تنفيذية إلى أدوات استراتيجية تحقق النمو والتميز المؤسسي. إن إهمال هذه العملية قد يؤدي إلى مشاريع مكتملة من حيث الوقت والتكلفة لكنها لا تحقق أي قيمة فعلية، مما يجعل تحقيق المنافع أحد الأسس الضرورية لنجاح أي مشروع اليوم.

 
					

