
في بيئة مصفوفية ضعيفة (Weak Matrix)، ما نوع السلطة التي يجب أن يستخدمها مدير المشروع؟
نوع السلطة التي يجب أن يستخدمها مدير المشروع في بيئة مصفوفية ضعيفة (Weak Matrix)
تعد بيئة العمل المصفوفية (Matrix Environment) واحدة من أكثر الهياكل التنظيمية شيوعًا في إدارة المشاريع الحديثة، حيث تسعى المنظمات من خلالها إلى تحقيق التوازن بين التخصص الفني لموظفيها واحتياجات المشاريع متعددة التخصصات. وفي إطار هذه الهياكل المصفوفية، تتنوع طبيعة السلطة المتاحة لمدير المشروع بحسب قوة المصفوفة، سواء كانت قوية (Strong Matrix)، متوازنة (Balanced Matrix)، أو ضعيفة (Weak Matrix). هذا المقال سيتناول بشكل مفصل بيئة المصفوفة الضعيفة (Weak Matrix) ونوع السلطة التي يجب أن يستخدمها مدير المشروع لتحقيق النجاح.
أولاً: تعريف بيئة المصفوفة الضعيفة (Weak Matrix)
البيئة المصفوفية الضعيفة هي نوع من الهياكل التنظيمية التي تمزج بين الهيكل الوظيفي التقليدي والمشروع، لكنها تميل إلى إعطاء السلطة الأكبر للإدارة الوظيفية أكثر من مدير المشروع. في هذه البيئة:
- القوة الرئيسية للإدارة الوظيفية: الموظفون يخضعون بشكل رئيسي لمديريهم الوظيفيين فيما يتعلق بالمهام اليومية والتقارير الوظيفية.
- صلاحيات محدودة لمدير المشروع: مدير المشروع عادةً ما يمتلك سلطة منخفضة أو مجرد سلطة تنسيقية، حيث يكون دوره أشبه بمنسق أو مسؤول عن متابعة الجدول الزمني والتنسيق بين الفرق.
- موارد مشتركة: يتم مشاركة الموارد بين المشاريع والوظائف المختلفة، ما يجعل الحصول على الموارد المناسبة تحديًا كبيرًا.
- المسؤولية الأساسية: في أغلب الأحيان، تقع المسؤولية الأساسية على المديرين الوظيفيين، بينما يقتصر دور مدير المشروع على التخطيط والمتابعة والتقارير.
باختصار، بيئة المصفوفة الضعيفة تمنح القوة الأكبر للإدارة الوظيفية، بينما تمنح مدير المشروع سلطة محدودة، وغالبًا ما تكون رمزية أو استشارية أكثر من كونها تنفيذية.
ثانياً: تحديات مدير المشروع في بيئة مصفوفية ضعيفة
يواجه مدير المشروع في بيئة المصفوفة الضعيفة عدة تحديات رئيسية، منها:
- قلة السيطرة على الموارد: غالبًا ما يمتلك مدير المشروع تأثيرًا محدودًا على تخصيص الموظفين والموارد الضرورية لتنفيذ المشروع.
- اعتماد كبير على التعاون: يتطلب النجاح في المشروع التعاون الوثيق بين الإدارات الوظيفية المختلفة، وهو أمر ليس مضمونًا دائمًا.
- تعدد خطوط السلطة: يمكن أن تتعارض أو تتداخل القرارات الوظيفية مع احتياجات المشروع، مما يؤدي إلى صراعات أو تأخير في إنجاز المهام.
- مسؤولية محدودة مع توقعات عالية: على الرغم من السلطة المحدودة، يُتوقع من مدير المشروع تحقيق أهداف المشروع ضمن الوقت والميزانية المحددة، مما يزيد من الضغط والتوتر.
ثالثاً: أنواع السلطة في إدارة المشاريع
لفهم نوع السلطة الأنسب في بيئة المصفوفة الضعيفة، يجب توضيح أنواع السلطة الرئيسية التي يمكن أن يمتلكها مدير المشروع:
- السلطة الرسمية (Formal Authority): وهي السلطة الممنوحة رسميًا للمدير بموجب الهيكل التنظيمي، مثل القدرة على إصدار الأوامر أو الموافقة على الموارد.
- سلطة الخبرة (Expert Power): تنشأ من معرفة المدير وخبرته المتخصصة في مجال معين، مما يجعل فريق العمل والإدارة الوظيفية يميلون إلى اتباع توصياته.
- السلطة المرجعية (Referent Power): تعتمد على قدرة المدير على التأثير من خلال الاحترام الشخصي والمصداقية والعلاقات الإيجابية مع أعضاء الفريق.
- سلطة المكافآت والعقوبات (Reward & Coercive Power): القدرة على منح المكافآت أو فرض العقوبات، وهي عادة محدودة في بيئة المصفوفة الضعيفة.
- سلطة المعلومات (Informational Power): القدرة على التحكم في تدفق المعلومات المهمة واتخاذ القرارات بناءً على المعرفة الدقيقة بالبيانات والمستجدات.
رابعاً: نوع السلطة الأنسب في المصفوفة الضعيفة
في بيئة المصفوفة الضعيفة، حيث يكون النفوذ الرسمي محدودًا، يصبح من الضروري أن يعتمد مدير المشروع على السلطة غير الرسمية أكثر من الرسمية، وتحديدًا:
- سلطة الخبرة (Expert Power):
- تعتبر القوة الأكبر لمدير المشروع في هذا النوع من البيئات.
- عندما يثق الفريق الإداري والوظيفي في معرفة المدير ومهاراته، يزداد احتمال التعاون معه وتخصيص الموارد اللازمة للمشروع.
- يمكن لمدير المشروع أن يستخدم خبرته لتقديم توصيات مدروسة، وإقناع الإدارة الوظيفية بأفضل الطرق لتحقيق أهداف المشروع.
- السلطة المرجعية (Referent Power):
- تعتمد على بناء علاقات قوية مع الفرق والإدارات.
- يجب على المدير تطوير شبكة علاقات قوية قائمة على الاحترام والثقة المتبادلة، حتى يتمكن من توجيه الفريق وتسهيل التوافق بين مصالح المشروع ومصالح الإدارة الوظيفية.
- القدرة على التأثير الشخصي تصبح أداة رئيسية لتعويض ضعف السلطة الرسمية.
- سلطة المعلومات (Informational Power):
- من الأدوات المهمة في المصفوفة الضعيفة أيضًا.
- تمكن المدير من التأثير على صنع القرار من خلال تقديم بيانات دقيقة، وتوضيح الأثر المتوقع لكل خيار.
- القدرة على مشاركة المعلومات بطريقة استراتيجية تجعل الإدارة الوظيفية أكثر ميلاً لدعم أهداف المشروع.
خامساً: استراتيجيات مدير المشروع لتعزيز سلطته في المصفوفة الضعيفة
لكي ينجح مدير المشروع في بيئة مصفوفية ضعيفة، يجب أن يعتمد على مجموعة من الاستراتيجيات لتعزيز تأثيره رغم ضعف السلطة الرسمية:
- بناء العلاقات والثقة:
- تطوير علاقات قوية مع مديري الأقسام والفرق.
- الحفاظ على الشفافية والمصداقية في جميع التفاعلات.
- تقديم الدعم والمساعدة عند الحاجة لتعزيز الاحترام المتبادل.
- الاعتماد على الخبرة والتقنية:
- تقديم حلول عملية وموثوقة للمشكلات التي تواجه المشروع.
- استخدام المعرفة الفنية لتحليل المخاطر والتحديات وإقناع الأطراف المعنية بأهمية القرارات المقترحة.
- التواصل الفعّال:
- التواصل المستمر مع جميع أصحاب المصلحة.
- استخدام البيانات والتقارير بشكل يوضح تقدم المشروع ويبرز تأثير القرارات.
- التأكد من أن جميع أعضاء الفريق على دراية بالأولويات والمهام المطلوبة.
- التفاوض والوساطة:
- التفاوض مع المديرين الوظيفيين للحصول على الموارد أو التسهيلات.
- استخدام مهارات الوساطة لحل النزاعات بين الفرق المختلفة لضمان استمرار العمل دون تأخير.
- تعزيز تأثير السلطة غير الرسمية:
- استخدام القوة المرجعية والخبرة لإقناع الآخرين بوجهة نظره.
- بناء صورة شخصية قوية كمدير مشروع يمكن الاعتماد عليه، حتى في غياب السلطة الرسمية.
سادساً: أمثلة عملية
لتوضيح كيف يمكن لمدير المشروع استخدام السلطة المناسبة في المصفوفة الضعيفة، يمكن النظر في السيناريو التالي:
مثال:
مشروع تطوير نظام معلوماتي في مؤسسة حكومية. المدير الوظيفي هو صاحب القرار النهائي بشأن تخصيص موظفي قسم تكنولوجيا المعلومات. مدير المشروع ليس لديه سلطة رسمية لتكليف الموظفين بالمهام، لكنه يمتلك معرفة تقنية واسعة وخبرة مثبتة في إدارة المشاريع المماثلة. في هذه الحالة:
- يجب على مدير المشروع استخدام سلطة الخبرة لتوضيح الجدوى والفوائد الفنية لكل خيار.
- عليه بناء سلطة مرجعية من خلال علاقات جيدة مع الموظفين والمديرين الوظيفيين.
- يمكنه استخدام سلطة المعلومات لتقديم تقارير دقيقة عن تقدم المشروع، وتأثير كل قرار على الجدول الزمني والميزانية.
بهذه الطريقة، يمكنه تحقيق أهداف المشروع رغم ضعف سلطته الرسمية.
سابعاً: الخلاصة
في بيئة مصفوفية ضعيفة، يكون دور مدير المشروع أكثر تحديًا بسبب ضعف السلطة الرسمية الممنوحة له. لذلك، يجب على المدير الاعتماد على السلطة غير الرسمية التي تشمل:
- سلطة الخبرة (Expert Power): لإقناع الفريق والإدارة بصوابية القرارات الفنية والتقنية.
- السلطة المرجعية (Referent Power): لبناء الثقة وتحقيق التعاون بين الفرق المختلفة.
- سلطة المعلومات (Informational Power): لاستخدام البيانات والتقارير كأداة للتأثير على القرار.
باستخدام هذه الأنواع من السلطة، يمكن لمدير المشروع أن يتغلب على القيود الرسمية ويضمن تحقيق أهداف المشروع، حتى في ظل تحديات بيئة المصفوفة الضعيفة، مع الحفاظ على توازن العلاقات والموارد بين جميع أصحاب المصلحة.



